الصفة الخامسة عشر
قال: ''ومنها قوله تعالى: ((أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً))[الأنعام:114-115] الآية.
فهل في أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذي أنزل هذا الكتاب مفصلاً، والذي يشهد أهل الكتاب أنه منـزل من ربك بالحق، وبأنه تمت كلماته صدقاً وعدلاً، أي: صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، وأنه لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم؟!
سبحان ربنا ما أعظمه وما أجل شأنه!'' وتأمل قوله: (( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً ))[الأنعام:114] فهي مثل قوله تعالى: ((قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً))[الأعراف:140] وقال: ((وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ))[الكهف:26] ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))[الكهف:110] فجعل العبادة والحكم سواء، وهنا جعل اتخاذ غير الله رباً أو اتخاذ غير الله حكماً سواء.
إذاً: هو وحده له الحكم، وهو وحده له العبادة، والشرك في هذه كالشرك في تلك.